تعلمنا في المدرسة أن نقول النافذة بدل
الطاقة أو
التاقة، ولكن لم يقل لنا معلمنا أن الطاقة كلمة عربية قديمة. والأمازيغ القبائل هم الذين حافظوا على صيغتها العربية الأصلية:
الطاق (ṭṭaq).
"الطاق" كان معناها الأصلي القوس. فنجد في قاموس
لسان العرب "الطاق عقد البناء حيث كان" والمقصود بعقد هنا هو القوس، وجاء
في نفس القاموس "وتَعَقَّدَ القوْسُ في السماء إِذا صار كأَنه عَقْد مَبْنّي". ونجد هذا المعنى مثلا في كتاب
أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقي المتوفى سنة 858 م: "باب بني المنصور وهو طاق واحد"
و"وتحت السقف ستة وثلاثون طاقا، يؤخذ منها الماء من الحوض، طول كل طاق عشرون إصبعا وعرضه أربعة عشر إصبعا". وجذرها اللغوي طوق لأن القوس نصف دائري الشكل.
شملت كلمة "الطاق" كل نافذة على شكل قوس، ولكثرة مثل هذا النوع من النوافذ، انتقلت الكلمة شيئا فشيئا إلى أن شملت كل نافذة مهما كان شكلها. ولا شك أن ذلك حدث قبل استيلاء النورمان على جزيرة مالطة (التي كانت تابعة للعرب) في 1091 م، لأنها موجودة في المالطية التي هي لهجة عربية انفصلت عن العالم العربي في تلك السنة، حيث تسمى النافذة عندهم tieqa. ويؤكد ذلك بعض الكتب العربية. فنجد مثلا في كتاب رحلة ابن جبير الأندلسي المتوفى سنة 1217 م يحكي عن مدرسة: "جداره القبلي مفتح كله بيوتا وغرفا ولها طيقان يتصل بعضعا ببعض، وقد امتد بطول الجدار عريش كرم مثمر عنبا، فحصل لكل طاق من تلك الطيقان قسطها من ذلك العنب متدليا أمامها، فيمد الساكن يده ويجتنيه متكئا دون كلفة ولا مشقة."
حتى في عصرنا، هذا الاستعمال موجود خارج المغرب العربي الكبير، فتستعمل في اليمن وفي الحجاز بنفس المعنى، وحتى في الشام والسودان بمعنى النافذة الصغيرة، كما دخلت حتى في الفارسية.
ولنقارن المفردات المستعملة حول الجزائر.
الشرجم هي الكلمة المغربية، وصح أصلا للنوافذ المربعة المقسومة على أربعة. ففي لهجة الأندلس العربية كان "الشرجب" النافذة أو الدرابزين، واقترح الأستاذ كوريينتي أنه من
چهار چوب بالفارسية أي أربعة عيدان. ويمكن أن نفكر أيضا في چهار
جام أي أربع زجاجات.
أما في ليبيا يقال للنافذة الروشن، وهي كلمة فارسية معناها مضيء. دخلت للعربية قديما حيث نجدها حتى في لسان العرب: الروشن الكوة (أي النافذة).
ولا حاجة لي أن أفسر أصل الكلمة التونسية: الشبّاك.